في عام 2017 وعلى حين فجأة، وفي سعيي المستمر لأبحث عن موهبة ما في ذاتي المملة؛ اكتشفت الكاميرا، هكذا وكأنها اختراع جديد، وعادة مع اكتشافي لأي شيء جديد أسبر أغواره، قلت لنفسي: هي موهبة التصوير!

ما بين القراءة، والمسارات التدريبية من الجامعات العالمية، وتطبيقات التصوير، وفيديوهات يوتيوب، ومتابعة المتميزين في المجال، كانت شهوري المتتالية، انتهى بي الأمر أن اشتريت كاميرا احترافية من طراز Nikon، مع عدستين واحدة للبورتريه 50mm، وواحدة تجيء مع الكاميرا بشكل افتراضي 18-55mm.

كان الأمر ممتعا في البداية، لكن مع كوني من أصحاب النظارات الطبية، أدركت تعارض حالتي الجسدية مع تلك العين السحرية، فتركتها حزينا، لأني حقا أحببت الأمر، متصورا أن لدي حقا موهبة التصوير.

موهبة التصوير في “فن الإخراج السينمائي”

لماذا أذكر ذلك الآن؟ أذكره لأني خلال قرائتي صباح اليوم للفصل الخامس من كتاب “فن الإخراج السينمائي“، أدركت أهمية ما تعلمته عند حديث المخرج العظيم والكاتب الرائع سيدني لوميت عن العدسات وعلاقتها بزاويا التصوير والقصة وتأثيرها في الأحداث، كما يصفها هو كنجم إضافي لأي عمل فني.

يقول “لوميت” إن الكاميرا رغم كونها شيء وليس شيء عاقل، إلا أنها يمكنها أن تعوض أداءً ضعيفا أو تحسن أداءً جيدا وتجعله أفضل، كما يمكنها أن تخلق مزاجا عاطفيا، وأن تخلق القبح والجمال، ويمكنها ما لم يمكننا جميعا أن نفعله، وهو إيقاف الزمن، والأهم من ذلك كله أنها يمكنها أن تحكي قصة.

فهمنا للكاميرا حتى لو كنا غير محترفين للتصوير يمكننا من الاستمتاع بأشياء كثيرة، يمكننا من فهم الأعمال السينمائية، يمكننا من فهم اللقطات التي نراها بمواقع التواصل ومدى جماليتها، ويمكننا أيضا من أخذ الـ”سيلفي”، وتصوير أصدقائك، وهي مهارة مطلوبة للغاية من الصديقات قبل الأخلاء!

لكن شيئا حزينا قد حدث خلال استرجاعي لمعلوماتي عن ذلك الصندوق السحري، تجسد الحزن عندما سألت إحدى الكاتبات، هل تعرفين ناقدا سينمائيا جيدا كي أقرأ له، قالت: أنا! فصمت.

ومع تقديري للكاتبة، ومع فهمي لأن التقدير للذات هو أمر جيد، إلا أن مشكلة تلك الكاتبة هي مشكلة الكثيرين ممن يطلقون عليهم نقاد.

لا أذكر لا مؤخرا ولا مقدما أنني قرأت مقالا تحليليا لفيلم يكشف عن نقاط ضعفه أو تميزه منذ فترة ليست بالقصيرة، ولا يتكلم عن جماليات القصة ولا عيوبها، وأضحى معظم “النقاد” يكتبون عن “التريند” فقط.

اختفت جماليات وأساسيات المهنة، أذكر أن أحد النقاد ويدعى ط. ا. كتب مقالين شبه متطابقين في وسيلتي نشر، حول إحدى الفنانات التي ألقي القبض عليها في أحد المطارات، فقط لأنها “تريند”.

ولأنني لست في مجال للحديث عن الفن والنقاد، فدعونا نرجئ تلك المسألة ونعود إلى الكاميرا وأيامها.

ولي مع ذلك الصندوق السحري حكايات، أذكر أنني في إحدى المرات قررت إخراج الكاميرا من كهفها المؤقت٫ لأجد فيها صورا لمجموعة من أصدقائي كنا قد نسيناها ونسينا ذكراها.

وفي إحدى المرات، التقطت صورة لمجموعة من القطط، ورغم أني لست من محبي الحيوانات الأليفة متضمنة الأطفال، إلا أنني أحببت تلك الصور إذ مثلت حكاية عاطفية قصيرة.

المهم أنني أدركت حقا أهمية الكاميرا وفهم عدساتها وزواياها وخباياها إذ كنت أود حقا أن أستمتع بالفن.

اقرأ أيضا:

Tags: