لم أكن أتخيل أن تلحق “ساقية الصاوي” بركب “الفوضوية الفنية” عندما تلقيت دعوة من الزميلة زينب عتريس لحضور إحدى حفلات موسيقى “الراب” بالساقية، شجعني عدم ذهابي للساقية من قبل، وحبي للموسيقى، على قبول الدعوة، معلنا تسلحي بالكاميرا، والقلم.
في حفل بدا في أوله فارغا من المعاني، يعتمد على الحركة والإيقاع والرغبات المكبوتة في الشباب أكثر من الكلمة والتي هي أساس فن “الراب”، وجدت مجموعة ممن أطلقوا على أنفسهم “فنانين”، ومجموعة ممن يمثلون دور الجمهور، أغلبهم تحت سن ال20 كما يبدو يتمايلون على أنغام الموسيقى.
ورغم أن الحفل مخصص للراب، تعددت أنواع الموسيقى بين البوب والكانتري ميوزك، إلا أن ذلك لا يعنينا كثيرا، فنحن في ساقية الصاوي، قبلة الباحثين عن الأمل، المتسلحين بمواهبهم.
نهتني صديقتي عن إحضار الكاميرا لأن الساقية لا تسمح بالتصوير، وحذرتني أيضا من التدخين، لأتخلى عن عادة وهواية مرة واحدة في سبيل حفل “الساقية”، التي قال عنها مدير المركز محمد الصاوي، في حديث لموقع “الجزيرة نت” في 2008: “اخترنا اسم الساقية للمركز لأنها لا تتوقف إلا لتدور، ولأنها تروي الأرض بالماء لتنتج الخير”. حسنا: لم أر من الخير إلا النزر اليسير في الحفل.
في ثالث أغانية بعدما انتهى باند “مش فرقة” من تقديم أغنياته؛ غنى لنا شخص أطلق على نفسه “عمدة الراب المصري” أغنية باسم “سكس فون”. حسنا.. لقد كانت صدمة!. فالمكان الذي لطالما رغبت في الذهاب إليه، ومنعت نفسي من التصوير والتدخين لدخوله، فاجأني بتقديمه لأغنية “إباحية”، لا تمت لتقاليدنا أو معتقداتنا بصلة، أغنية فاقدة التهذيب، أمام مجموعة من صغار السن يدخنون (في مكان ممنوع فيه التدخين)، داخل ساقية الصاوي العريقة، الفن الذي خلقه السود في أميركا للتعبير عن المشاكل من فقر وبطالة وعنصرية وظلم تحول في “ساقية الصاوي” لإيحاءات جنسية.
في محاولتها لفهم دوافع “عمدة الراب المصري” في كتابة أغنية بهذه الكلمات؛ اكتشفت الصحفية النشيطة “زينب” أن الأغنية تم حذفها مرتين من موقع “يوتيوب” لخدشها الحياء العام.. “يوتيوب” الأمريكي يهتم بالحياء العام أكثر من اهتمام “ساقية الصاوي” المصرية.
لم تدفعني استيائي للكتابة بقدر ما دفعني تصريح “الرابر” لـ”الدستور” المصرية عبر موقعها الإلكتروني بأن “من يرفض الحديث عن قضايا موجودة فى المجتمع هو منافق”، لست منافقا عزيزي، هذه قضيتنا كصحافيين، وأتمنى أن تعبر أغانيك عنا بشكل أكبر.
نشر لأول مرة في الحوار المتمدن بتاريخ 15 أبريل 2017